«الكتاب يُقرأ من عنوانه».. بهذه العبارة حكم الشعب اللبناني على حكومة نجيب ميقاتي، التي نالت الثقة اليوم بـ85 صوتا من أصل 100 حضروا. فما حصل اليوم (الإثنين)، أحبط ما تبقى من أمل لدى اللبنانيين من أن تتمكن هذه الحكومة من انتشال لبنان من الانهيار، إذ انقطع التيار الكهربائي عن الجلسة بشكل مفاجئ الأمر الذي أخّر انعقادها وكاد يُرجئها، لولا وصول «صهريج المازوت» الذي فاجأ الناشطين والمراقبين واللبنانيين، ودفعهم لطرح أسئلة من نوعية: كيف حضر هذا الصهريج على وجه السرعة لنجدة الجلسة فيما الشعب ينتظر أياما وأياما في الظلام دون أن ينجده صهريج؟ وهل فعلا أن «حزب الله» هو من أرسل المازوت الايراني لنجدة حكومة متوقع منها أن تصل ما قطعه هذا الحزب من ثقة مع المجتمعين العربي والدولي؟ وهل السلطة هي من أعدت مسبقاً هذا السيناريو لتوحي للشعب بأنها منهم وتعيش معاناتهم؟ وكيف لسلطة غير قادرة على تأمين أبسط المقومات اللوجستية لعقد جلسة ثقة بحكومة قالت للشعب إن مهمتها وقف انهيار لبنان توطئة لإنقاذه؟ ورغم أن السيناريو لم ينطلِ على أحد، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري استكمل الدور الذي يلعبه فقال: استحدثنا الكهرباء لوقت معيّن في الأونيسكو ولسنا متأكدين من استمراريتها. وطالب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باختصار بيانه الوزاري، داعيا إلى استعجال مجريات الجلسة قبل أن ينفد مخزون المازوت. واقتضب ميقاتي بيانه الوزاري قائلا: الكلام الذي نقوله لا يحلّ وحده معاناة اللبنانيين وسنخرج من الأقوال الكلاسيكية والانطلاق نحو العمل الجاد. فلبنان في خِضم أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية ومعيشية خانقة بلغ الوطن فيها مشارف الانهيار الكامل ولم يشهد لها مثيلاً في التاريخ الحديث. وقال: إزاء الأزمة الحادة التي يعيشها لبنان وما رافقها من انهيار العملة الوطنية وارتفاع كبير في أسعار السلع يجد غالبية اللبنانيين أنفسهم في حال غُربة عن المواقف والسجالات السياسية.
وأكد التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 واستمرار دعم قوات اليونيفيل ومُطالبتها المجتمع الدولي بوضع حدّ للانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانيّة. وأعلن ميقاتي تمسك لبنان باتفاقيّة الهدنة والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المُحتّلة والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسّك بحقه في مياهه وثرواته بشتى الوسائل المشروعة.
وطالب باستئناف مفاوضات الترسيم من أجل حماية الحدود البحرية اللبنانية وصونها من جهاتها كافة، مؤكدا الدعم المطلق للجيش والقوى الامنية في الداخل. وكشف عن عزمه تصحيح الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص والعمل على إقفال المعابر غير الشرعية وتعزيز الرقابة على الحدود والحد من التهرب الضريبي، واستئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي.
أما النواب وخلال مناقشتهم للبيان الوزاري، فلم يقتضبوا في كلماتهم، بل استفاضوا وسددوا اللكمات ووجهوا الاتهامات لبعضهم بعضا، وخرجوا عن مضمون البيان وتحولت كلماتهم إلى حملات انتخابية، إذ تذكروا في الجلسة أن الشعب يئن ويرزح تحت ضغوطات معيشية صعبة سببها جشعهم ومحاصصتهم.
وانتهت في وقت متأخر مسرحية مناقشة البيان الوزاري بمنح 85 نائبا ثقتهم للحكومة التي تعرضت بدورها لكل أنواع الوعيد حال فشلت في أداء مهمتها.
يذكر أن أصوات الـ85 نائبا هي من أصل ١١٧ نائباً في البرلمان غير المكتمل، نتيجة ثماني استقالات ووفاة ثلاثة.